فضاء حر

السَرَق أخوة جداً

يمنات
قبل عامين تقريباً، سأل مذيع قناة الميادين حميد الأحمر: لماذا لا تعيدون منزل علي سالم بعدن لعلي سالم؟ فأجابه بابتسامته وغروره المعتاد: هو مش بيت علي سالم، هو حق الدولة، وإحنا اشتريناه من الدولة. يأتي علي سالم بما يثبت أنه بيته وأن الدولة باعته له وإحنا نردّه له.
لم يأتِ علي سالم من منفاه الى اليمن ليثبت لحميد أن بيته هو بيته، ولم يبقَ حميد طويلاً في اليمن بل غادرها الى المنفى تاركاً بيت علي سالم في عدن وكل بيوته وممتلكاته هو في صنعاء بعد أن أتاه الحوثي بدلاً عن علي سالم.
استولى الحوثي على كل بيوت وممتلكات حميد، وبقي بيتٌ واحد كما يبدو لم يستولِ عليه، ولكنه حاول الاستيلاء عليه أمس: ارسل رجاله لمحاصرة المنزل الذي تعيش فيه زوجة حميد السابقة وأم ابنه عبدالله منذ 18 عاماً وطلبوا منها مغادرته لكي يقوموا بمصادرته، وماذا كانت حجتهم؟ تخيلوا: قالوا إنهم أعطوها فرصة لأكثر من 3 أشهر لكي تأتي بما يثبت أن المنزل مِلْكها وأن حميد الأحمر قد باعه لها!
هل يمكن أن تتكرر سرقة بيتين مختلفين بنفس الحجة ونفس العبارة؟
نعم، إذا تكرر السارق مرتين. أو بعبارة أخرى: إذا أعقبَ الأحمر حوثي.
لم يشترِ عبدالله حسين الأحمر بيت علي سالم من الدولة، بل نهبه بعد طرد صاحبه منه ومن البلاد ككل ثم استخدم الدولة ك”بائع زور”: “اشتراه” منها بعد وقت طويل من نهبه بمبلغ لا يتعدى قيمة بابه الخارجي وجرس الباب، وإنْ بالغنا: مع قيمة “التانكي” (خزان الماء) الموجود على السطح! طيب، وبيت علي سالم كله مع الأرض وموقعه المهم وإطلالته الخلابة على خليج حقَّات، كل هذا أخذه الأحمر مقابل ماذا؟ “دعاية” لجرس الباب والباب و”التانكي”!
كنتُ أعرف هذا وأنا أتابع مقابلة حميد قبل عامين، ولذا حين سمعته يقول “إحنا اشتريناه من الدولة”، ابتسمت، ابتسمتُ لأن “العقار” الذي اشتراه الأحمر وخطر ببالي يومها لم يكن بيت علي سالم بل جرس باب بيت علي سالم مع الباب و”التانكي” فقط.
أتذكر: كتبت يومها أن الأحمر أول سارق يطلب ممن سرق منه بيته أن يثبت له ملكيته لبيته المسروق كي يرده له. ولم أتخيل أبداً حينها أن هناك لصَّاً أوقح من الأحمر.
لكنَّ اليمن ولَّادَة:
سرعان ما أتى الحوثي، الحوثي الذي يقول إنه “خلَّص” اليمن من الأحمر لكنه طلع “أحْمَر” منه بكثير.
الأحمر مثلاً نهب بيت علي سالم بعد خروج علي سالم وأهله منه، وحرص بعد ذلك على إبرام صفقة شراء “صورية” مع الدولة، ثم قال إنه اشترى البيت من الدولة وإذا أراد علي سالم استرداده فعليه اثبات ملكيته له. أما الحوثي، فما أدراك ما الحوثي؟ أرسل رجاله لمحاصرة بيت يخص امرأة منذ 18 عاماً، وطلب منها اثبات أنه بيتها وأن زوجها السابق باعه لها، أو عليها أن تغادره هي وأطفالها وتتركه له! أما “الدولة” فلا وجود لها في سرقات الحوثي، ولا يحتاج لإجراء صفقات شراء صورية معها، لماذا؟ لأن “الدولة” أول مسروقاته، ولأنه اللص الذي يتصرف باعتباره “الدولة” شخصياً.
من قال إن الأيام لا تأتي بأفضل؟
ها هي تأتي بالحوثي بعد الأحمر.
ومن قال إن السَرَق أخوة فقط؟
السَرَق أخوة جداً.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى